تعدّ الغدة الدرقية إحدى الغدد الأساسية في الجسم، ولها دور محوري في تنظيم الأيض، التحكم في ضربات القلب، الوظائف الذهنية، وصحة الجسم العامة.
وأي خلل في عملها—مثل فرط النشاط، قصور الوظيفة، وجود العقد أو الالتهاب—يمكن أن يؤثر بشكل كبير في جودة حياة الإنسان.
يُعدّ فحص الغدة الدرقية بالنظائر المشعة (Thyroid Scan) من أهم وأدق الفحوصات في الطب النووي، وهو وسيلة آمنة وغير جراحية تساعد على تقييم وظيفة الغدة وبنيتها بدقة عالية.
في هذا المقال نشرح بالتفصيل، وبأسلوب سهل ومفهوم، خطوات التحضير للفحص، مراحل إجرائه، وكيفية قراءة نتائجه.
ما هو فحص الغدة الدرقية؟
فحص الغدة الدرقية هو نوع من التصوير الطبي النووي يعتمد على استخدام مواد مشعة مثل:
اليود-123، اليود-131، أو التكنيسيوم-99m.
تمتصّ الغدة الدرقية هذه المواد بشكل طبيعي، وتقوم كاميرا خاصة تُسمّى كاميرا غاما (Gamma Camera) بالتقاط الإشعاعات الصادرة عنها، لتكوين صورة توضّح مستوى النشاط والوظيفة في كل جزء من الغدة.
يوفر فحص الغدة الدرقية معلومات عن:
-
حجم الغدة وشكلها
-
كفاءة عمل كل فص
-
وجود العقد الباردة أو الحارة
-
تشخيص فرط أو قصور نشاط الغدة
-
اكتشاف الالتهابات (التهاب الغدة الدرقية)
-
متابعة حالات سرطان الغدة الدرقية
-
تقييم النسيج المتبقي بعد الجراحة
-
تحديد مكان الغدة عند الأطفال (الدرقية الهاجرة)
لماذا يطلب الطبيب إجراء فحص الغدة الدرقية؟
أهم أسباب طلب الفحص:
-
تشخيص فرط النشاط الدرقي
-
البحث عن سبب قصور الغدة الدرقية
-
تقييم العقد الدرقية
-
تشخيص التهاب الغدة الدرقية
-
متابعة حالات سرطان الغدة
-
تقييم النشاط الدرقي في الأماكن غير الطبيعية
-
تشخيص مرض غريفز (Graves’ Disease)
التحضير قبل فحص الغدة الدرقية
للحصول على نتائج دقيقة، يجب على المريض الالتزام ببعض التعليمات المهمة:
١. إيقاف أدوية الغدة الدرقية
بعض الأدوية تؤثر على امتصاص المادة المشعة:
4–6 أسابيع قبل الفحص:
-
ليفوثيروكسين (T4)
-
ليوثيرونين (T3)
3–5 أيام قبل الفحص:
-
أدوية مضادّات الغدة مثل:
-
ميثيمازول
-
كاربميزول
-
بروبيل ثيويوراسيل (PTU)
-
٢. تجنّب تناول اليود
لأن اليود يؤثر على امتصاص المادة المشعة:
يجب تجنّبها لمدة أسبوعين:
-
الملح المدعّم باليود
-
المكمّلات الغذائية المحتوية على اليود
-
المأكولات البحرية
-
شراب السعال المحتوي على اليود
-
الصبغات الحاوية على اليود المستخدمة في الأشعة المقطعية
-
مواد التعقيم المعتمدة على اليود
٣. حالة الصيام قبل الفحص
يعتمد على نوع المادة المستخدمة:
-
التكنيسيوم-99m: غالباً لا يحتاج لصيام
-
اليود-123 أو اليود-131: يجب الصيام 6 ساعات قبل الجرعة
٤. إبلاغ الطبيب في الحالات الآتية
-
الحمل أو احتمال الحمل
-
الرضاعة الطبيعية
-
تناول أدوية للقلب أو الهرمونات
-
أمراض الكلى أو الكبد
تنبيه مهم
لا يجوز إجراء الفحص أثناء الحمل، ويجب اتخاذ احتياطات خاصة أثناء الرضاعة.
مراحل فحص الغدة الدرقية خطوة بخطوة
الخطوة ١: التسجيل وأخذ التاريخ الصحي
يتم استقبال المريض في قسم الطب النووي، ويُراجع المختص تاريخ الأدوية ونمط التحضير.
الخطوة ٢: إعطاء المادة المشعة
تُعطى المادة حسب نوع الفحص:
-
التكنيسيوم-99m: حقن وريدي
-
اليود-123 أو اليود-131: كبسولة فموية
مدة الانتظار بعد إعطاء الجرعة:
| المادة المشعة | مدة الانتظار قبل التصوير |
|---|---|
| Technetium-99m | 20–30 دقيقة |
| Iodine-123 | 3–4 ساعات |
| Iodine-131 | 24 ساعة |
الخطوة ٣: بدء التصوير بكاميرا غاما
يستلقي المريض على الطاولة، وتبدأ الكاميرا بتصوير منطقة الرقبة.
مميزات هذه المرحلة:
-
الفحص غير مؤلم
-
لا يوجد تماس مع الجهاز
-
مدة الفحص 5–15 دقيقة
-
على المريض البقاء ثابتًا
تُظهر الصور:
-
حجم الغدة
-
نشاط كل فص
-
مستوى الامتصاص في العقد
-
وجود أي خلل في توزيع المادة المشعة
الخطوة ۴: قراءة الصور وكتابة التقرير
يقوم طبيب الطب النووي بتحليل الصور وكتابة تقرير مفصّل يشمل:
-
حجم الغدة وشكلها
-
نمط الامتصاص
-
نسبة الامتصاص الكلّية (Uptake)
-
طبيعة العقد (ساخنة/باردة)
-
تحليل احتمالية الالتهاب أو فرط النشاط
-
التوصيات الطبية أو الفحوصات المكملة
كيفية تفسير نتائج فحص الغدة الدرقية
١. العقدة الحارة (Hot Nodule)
-
تمتص كمية كبيرة من المادة
-
غالباً حميدة
-
قد تسبب فرط نشاط درقي
٢. العقدة الباردة (Cold Nodule)
-
الامتصاص ضعيف أو معدوم
-
تحتاج تقييم إضافي بالسونار أو الخزعة
-
قد تكون حميدة أو خبيثة
٣. الامتصاص المرتفع (High Uptake)
يدل على:
-
مرض غريفز
-
فرط نشاط درقي حقيقي
-
العقد الدرقية المتعددة الحارة
٤. الامتصاص المنخفض (Low Uptake)
يدل على:
-
التهاب الغدة
-
فرط النشاط الناتج عن تناول هرمونات من خارج الجسم
-
تلف نسيج الغدة
٥. عدم ظهور الغدة في الصورة
يشير إلى:
-
غدة درقية مهاجرة
-
غياب خلقي للغدة
-
استئصال كامل للغدة
مميزات وعيوب فحص الغدة الدرقية
المميزات
-
تشخيص دقيق لوظيفة الغدة
-
يحدد سبب فرط أو قصور النشاط
-
يميّز بين العقد الحميدة والخبيثة بدرجة عالية
-
لا يسبب الألم
-
يمكن دمجه مع اختبار الامتصاص لمزيد من الدقة
العيوب
-
يحتوي على كمية صغيرة من الإشعاع
-
غير مناسب للحامل
-
ضرورة الالتزام بالإرشادات قبل الفحص
ما بعد الفحص: تعليمات مهمة
-
شرب كميات كبيرة من الماء للمساعدة على طرح المادة المشعة
-
تجنّب الالتصاق بالأطفال والحوامل لمدة 24 ساعة (بحسب نوع المادة)
-
العودة للأدوية المعتادة حسب تعليمات الطبيب
-
الاحتفاظ بنتيجة الفحص للمراجعة في الزيارات القادمة
الخلاصة
يُعدّ فحص الغدة الدرقية بالنظائر المشعة من أدق وأهم وسائل التشخيص في حالات فرط أو قصور الغدة، العقد، الالتهاب، وأمراض المناعة الذاتية.
ومع التحضير السليم والالتزام بالإرشادات، يصبح الفحص آمنًا تمامًا ويقدم معلومات تشخيصية لا يمكن الحصول عليها بطرق أخرى مثل السونار أو فحوصات الدم فقط.


