يُعدّ الطب النووي أحد فروع الطب المتقدمة في مجال التصوير الطبي، وله دور أساسي في الكشف المبكر عن الأمراض.
وعلى عكس طرق التصوير التقليدية مثل الأشعة المقطعية (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI) التي تُظهر شكل الأعضاء فقط، فإن الطب النووي يُظهر كيفية عمل الأعضاء ووظائفها الداخلية.
تُستخدم في هذا النوع من الفحوصات كمية صغيرة جداً من المواد المشعة لإنتاج صور دقيقة تُمكّن الأطباء من تقييم وظائف الأعضاء واكتشاف أي خلل قبل ظهور الأعراض الواضحة.
ما هو الفحص النووي؟
الفحص النووي هو نوع من التصوير الطبي يُستخدم فيه مواد مشعة تُعرف بالأدوية الإشعاعية (Radiopharmaceuticals) مع جهاز خاص يُسمّى الكاميرا غاما (Gamma Camera).
بعد دخول المادة المشعة إلى الجسم عن طريق الحقن أو الشرب أو الاستنشاق، تتجمع في العضو المستهدف، وتقوم الكاميرا بالتقاط الإشعاعات الصادرة عنها لتكوين صورة دقيقة له.
وباختصار، الفحص النووي يُظهر الوظائف وليس فقط الشكل، فهو مثلاً يُبيّن مدى تدفق الدم إلى القلب أو الكليتين أو العظام.
الفرق بين الفحص النووي والأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي
يختلط الأمر على كثير من المرضى بين هذه الطرق الثلاث، لكن الفرق الأساسي هو في نوع المعلومات التي يقدمها كل فحص:
نوع الفحص | نوع المعلومات | نوع الإشعاع المستخدم |
---|---|---|
الأشعة المقطعية (CT) | تُظهر البنية والشكل | أشعة سينية (X-Ray) |
الرنين المغناطيسي (MRI) | تُظهر الأنسجة اللينة بتفصيل دقيق | مجال مغناطيسي |
الفحص النووي | يُظهر الوظائف الحيوية للأعضاء | إشعاعات صادرة من مواد مشعة |
إذن فالطب النووي مكمّل لبقية طرق التصوير، وغالباً ما يُستخدم للحصول على تشخيص أدق للحالات المعقدة.
أهم استخدامات الفحص النووي
يُستخدم الفحص النووي في العديد من التخصصات الطبية، ومن أبرز تطبيقاته:
1. فحص القلب النووي
يُعرف أيضاً باسم فحص تروية عضلة القلب (Myocardial Perfusion Scan)، ويُستخدم لتقييم تدفق الدم إلى القلب، وتشخيص تضيّق الشرايين التاجية أو تقييم فعالية العلاج بعد الجراحة أو القسطرة.
2. فحص الغدة الدرقية
يُستخدم اليود المشع (Iodine-123 أو Technetium-99m) لتقييم حجم ونشاط الغدة الدرقية وتشخيص فرط النشاط أو القصور أو وجود العقيدات.
3. فحص العظام
يُستخدم فحص العظام لتشخيص الكسور الدقيقة، الالتهابات (التهاب العظم والنقي)، أو انتشار الأورام السرطانية إلى العظام.
4. فحص الكلى
يُساعد على تقييم جريان الدم إلى الكليتين ووظيفتهما الإخراجية، كما يُستخدم لاكتشاف الانسداد أو الفشل الكلوي الجزئي.
5. فحص الرئتين
يُجرى عن طريق استنشاق أو حقن مواد مشعة، ويُستخدم لتشخيص الانسداد الرئوي (Embolism) أو اضطرابات التهوية والتروية في الرئتين.
6. فحص الدماغ
يُستخدم لتقييم تدفق الدم في الدماغ، والكشف عن السكتة الدماغية أو الأورام أو نوبات الصرع، وأحياناً لتقييم حالات الخرف (الزهايمر).
مراحل إجراء الفحص النووي
-
إعطاء الدواء المشع:
يتم حقن المادة أو استنشاقها أو تناولها عن طريق الفم حسب نوع الفحص. -
فترة الانتظار:
يُنتظر حتى تنتشر المادة في العضو المطلوب، وقد تستغرق هذه الفترة من بضع دقائق إلى ساعات. -
التصوير بالكاميرا:
يستلقي المريض على طاولة الجهاز، وتلتقط الكاميرا صوراً من زوايا مختلفة. تستغرق العملية عادة بين 15 و60 دقيقة. -
تحليل النتائج:
يقوم الطبيب المختص بالطب النووي بمراجعة الصور وكتابة تقرير يوضح وظائف العضو أو النظام الذي تم فحصه.
هل الفحص النووي خطير؟
الجرعة الإشعاعية المستخدمة في الطب النووي منخفضة جداً وآمنة، وغالباً ما تكون أقل من تلك المستخدمة في الأشعة المقطعية.
تخرج معظم المواد المشعة من الجسم خلال 24 إلى 48 ساعة عن طريق البول أو العرق.
يُوصى بشرب كميات كبيرة من الماء بعد الفحص لتسريع التخلص من المادة المشعة.
لذلك، يمكن القول إن الفحص النووي آمن وموثوق عند إجرائه بإشراف طبي مختص.
من يجب أن يتجنب الفحص النووي؟
رغم أمانه، إلا أن هناك حالات خاصة تتطلب الحذر:
-
النساء الحوامل أو المرضعات
-
الأشخاص الذين لديهم حساسية شديدة من الأدوية
-
المرضى الذين خضعوا مؤخراً لتصوير بالأشعة مع مواد تباين (contrast)
في هذه الحالات، يُقرر الطبيب مدى الحاجة إلى الفحص بناءً على الفائدة والمخاطر.
التحضيرات قبل الفحص النووي
-
يُطلب من المريض الصيام لعدة ساعات قبل الفحص حسب نوع الإجراء.
-
قد يوقف الطبيب بعض الأدوية مثل أدوية الغدة الدرقية أو أدوية القلب.
-
يُفضل ارتداء ملابس مريحة وخالية من المعادن والمجوهرات.
مزايا الفحص النووي
-
يكشف عن اضطرابات وظيفية قبل ظهور التغيرات البنيوية.
-
يُساعد على تقييم فعالية العلاج بعد الجراحة أو العلاج الكيميائي.
-
غير مؤلم وغير تداخلي.
-
يُمكن دمجه مع الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي في أجهزة حديثة (مثل SPECT/CT أو PET/CT) لزيادة دقة النتائج.
محدوديات الفحص النووي
-
دقة الصور أقل من بعض الطرق الأخرى مثل MRI أو CT.
-
يحتاج إلى وقت أطول للتصوير.
-
يتطلب تجهيزات خاصة وفريقاً طبياً مدرباً.
الخلاصة
يُعدّ الفحص النووي من أكثر طرق التصوير الطبي تطوراً في العصر الحديث. فهو لا يكتفي بإظهار شكل الأعضاء، بل يكشف عن كيفية عملها وأدائها الفسيولوجي.
من خلاله يمكن تشخيص أمراض القلب، والغدة الدرقية، والكليتين، والعظام، وحتى الأورام السرطانية في مراحلها الأولى.
كما أنه آمن، دقيق، ومفيد في متابعة تطور العلاج.
إذا نصحك طبيبك بإجراء فحص نووي، فلا داعي للقلق؛ فهو فحص آمن وسيساعد في تشخيص أدق وعلاج أسرع.