فحص القلب بالطب النووي: التشخيص الدقيق لأمراض القلب

تُعدّ أمراض القلب من أهم أسباب الوفيات حول العالم، ويُعدّ التشخيص المبكر مفتاحاً أساسياً للوقاية من المضاعفات الخطيرة والنوبات القلبية المفاجئة. ومع تطور العلوم الطبية، أصبح فحص القلب بالطب النووي واحداً من أكثر الأساليب دقة وحداثة في تقييم القلب والأوعية الدموية. يُعرف هذا الفحص أيضاً باسم فحص القلب النووي أو فحص تروية عضلة القلب (MPI)، وهو قادر على تحديد مستوى تدفق الدم إلى عضلة القلب وتشخيص انسداد الشرايين التاجية بدقة عالية.

وبفضل قدرته على تقييم القلب أثناء الراحة والمجهود، إضافةً إلى قدرته على تحديد الضرر الناتج عن الجلطات القلبية، أصبح هذا الفحص جزءاً أساسياً من أدوات أطباء القلب.

في هذا المقال سنقدّم شرحاً شاملاً حول فحص القلب النووي، أنواعه، خطوات إجرائه، أهم استخداماته، فوائده، ومخاطره المحتملة، بالإضافة إلى كيفية استعداد المريض لهذا الفحص.

ما هو فحص القلب بالطب النووي؟

فحص القلب بالطب النووي هو تقنية تصوير طبية يتم فيها حقن كمية صغيرة من المواد المشعة (Radiotracer) في الجسم. تمتصّ خلايا عضلة القلب هذه المادة، ويقوم جهاز خاص يُسمّى كاميرا غاما بالتقاط الإشعاعات الصادرة منها لتكوين صور دقيقة تُظهر تروية القلب ووظيفته.

المواد المشعة المستخدمة آمنة تماماً، وتخرج من الجسم خلال وقت قصير دون أي أثر ضار.

أنواع فحص القلب بالطب النووي

1. فحص تروية عضلة القلب (Myocardial Perfusion Imaging – MPI)

يُعد هذا النوع الأكثر شيوعاً لتقييم القلب. وهو يقيس كمية الدم التي تصل إلى عضلة القلب في حالتي:

  • الراحة

  • المجهود

ومن خلاله يمكن:

  • تشخيص انسداد أو تضيق الشرايين التاجية

  • تقييم سلامة عضلة القلب

  • تحديد المناطق المتضررة أو الميتة بعد الجلطة القلبية

2. فحص القلب باستخدام Gated SPECT

بالإضافة إلى تروية القلب، يُظهر هذا الفحص وظائف القلب الدقيقة مثل:

  • الكسر القذفي (EF)

  • حجم البطين الأيسر

  • حركة جدران القلب

3. فحص الثاليوم

نوع قديم نسبياً لكنه لا يزال يستخدم في بعض المراكز، ويقدم معلومات مهمة عن حيوية عضلة القلب.

كيف يتم إجراء فحص القلب؟

الخطوة الأولى: حقن المادة المشعة

يتم حقن كمية صغيرة من المادة المشعة عبر الوريد، وتبدأ عضلة القلب بامتصاصها.

الخطوة الثانية: التصوير بالكاميرا النووية

يستلقي المريض على السرير المخصص، وتبدأ الكاميرا في تصوير القلب دون أي ألم أو تدخل جراحي.

الخطوة الثالثة: الفحص أثناء الجهد

لفحص الشرايين التاجية بشكل أدق، يتم تقييم القلب أثناء المجهود عبر:

  • المشي على جهاز السير

  • الدراجة الثابتة

  • أو باستخدام أدوية محفّزة للمجهود مثل الأدينوزين أو الديبييريدامول للمرضى غير القادرين على ممارسة الرياضة

الخطوة الرابعة: تحليل النتائج

يقوم الطبيب المختص بتحليل الصور وتقديم تقرير تفصيلي يساعد في اتخاذ القرار العلاجي.

استخدامات فحص القلب بالطب النووي

1. تشخيص تضيق أو انسداد الشرايين التاجية

يُظهر الفحص المناطق التي يصلها الدم بشكل غير كافٍ، ما يجعله أداة مهمة لتشخيص أمراض الشرايين التاجية.

2. تقييم شدة المرض القلبي

يستخدم في تقييم المرضى الذين يعانون من:

  • ألم الصدر

  • ضيق النفس

  • تعب غير مبرر

3. تحديد الضرر بعد الجلطة القلبية

يفرق الفحص بين:

  • الأنسجة السليمة

  • الأنسجة المتضررة

  • المناطق الميتة (النخر)

4. تقييم وظيفة القلب

يساعد على قياس:

  • الكسر القذفي

  • حجم البطينين

  • حركة الجدران

5. التقييم قبل العمليات الجراحية

يطلب الأطباء هذا الفحص قبل:

  • جراحة القلب

  • القسطرة

  • تركيب الدعامات

6. تشخيص نقص التروية الصامت

بعض المرضى يعانون من نقص التروية دون أعراض واضحة، ويُعد هذا الفحص الأفضل لاكتشافه.

مميزات فحص القلب النووي

1. دقة عالية

يعتبر من أدق الفحوصات في تشخيص أمراض القلب والشرايين التاجية.

2. غير جراحي وبدون ألم

لا يتطلب إدخال أدوات داخل الجسم مثل القسطرة.

3. تقييم القلب في الراحة والمجهود

ما يعطي صورة شاملة عن صحة القلب.

4. مناسب لغير القادرين على ممارسة الرياضة

حيث يمكن استخدام الأدوية بدل المجهود البدني.

المخاطر والآثار الجانبية المحتملة

رغم أن الفحص آمن جداً، إلا أنه قد تحدث بعض الأعراض البسيطة مثل:

  • صداع خفيف

  • غثيان

  • دوخة

  • تسارع ضربات القلب بسبب أدوية المجهود

الجرعة الإشعاعية قليلة جداً وتُعد أقل من الحدود المسموح بها عالمياً.

من هم الأشخاص الذين ينصح لهم بفحص القلب النووي؟

  • مرضى ألم الصدر أو ضيق النفس

  • الأشخاص المشتبه إصابتهم بمرض الشرايين التاجية

  • من لديهم تخطيط قلب أو إيكو غير طبيعي

  • من لديهم تاريخ عائلي لأمراض القلب

  • المرضى قبل العمليات الجراحية الكبرى

  • بعد الجلطة القلبية لتقييم الضرر

كيفية الاستعداد للفحص

يجب على المريض:

  • الصيام لمدة 4–6 ساعات

  • تجنب القهوة والشاي والمشروبات الغازية والشوكولاتة لمدة 24 ساعة

  • إبلاغ الطبيب بجميع الأدوية المستخدمة

  • ارتداء ملابس مريحة

  • الالتزام بتوجيهات الطبيب

الخلاصة

يُعد فحص القلب بالطب النووي من أهم وأدق الوسائل التشخيصية في تقييم أمراض القلب، خاصة أمراض الشرايين التاجية. بفضل قدرته على إظهار التروية القلبية ووظيفة عضلة القلب بدقة عالية، فهو يساعد الأطباء على وضع خطة علاجية مناسبة، والوقاية من الجلطات القلبية والمضاعفات الخطيرة.

إن التقدّم الكبير في مجال الطب النووي جعل هذا الفحص أساسياً في التشخيص المبكر والحفاظ على صحة القلب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *